تتجه الحكومة السورية نحو خطوة مالية جديدة تتمثل بطباعة العملة الوطنية في كل من الإمارات العربية المتحدة وألمانيا، بديلًا عن روسيا، التي احتكرت هذه المهمة لسنوات.
ووفقًا لما نقلته وكالة "رويترز" اليوم، الجمعة 16 أيار، عن ثلاثة مصادر مطلعة، فإن هذا التحرك يعكس تحسنًا ملحوظًا في العلاقات بين دمشق وعدد من دول الخليج والدول الأوروبية، في أعقاب التسهيلات التي وفرتها إزالة جزء من العقوبات المفروضة على سوريا مؤخرًا.
وبحسب التقرير، بدأت السلطات السورية مطلع العام الجاري اتصالات ومفاوضات لاستكشاف إمكانية طباعة الأوراق النقدية في شركات مختصة بالإمارات وألمانيا. وازدادت وتيرة هذه الجهود بعد أن خفف الاتحاد الأوروبي عقوباته على دمشق في شباط 2025.
وأشار التقرير إلى أن تصميم العملة الجديدة سيشمل إزالة صورة الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، عن إحدى الفئات النقدية (ورقة 2000 ليرة سورية)، ضمن خطة أوسع لإعادة هيكلة العملة وتحديث مظهرها.
وقالت مصادر مالية سورية إن محادثات متقدمة تُجرى حاليًا مع شركة "عملات" الإماراتية، التي استقبلت مؤخرًا حاكم مصرف سوريا المركزي ووزير المالية السوري في زيارة رسمية. كما أبدت كل من شركة "بوندسدروكيري" الألمانية الحكومية وشركة "جيسيك و ديفرينت" الخاصة اهتمامهما بالمشروع، وفق ما نقلته "رويترز" عن مصدر سوري وآخر أوروبي.
وفي تقرير سابق لصحيفة "عنب بلدي"، أوضح أستاذ كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الدكتور عابد فضلية، أن طباعة العملة السورية في أوروبا خطوة متوقعة، نظرًا للحاجة المتزايدة لأوراق نقدية جديدة لا تكون نسخة مطابقة للمتداولة حاليًا.
وأضاف فضلية أن الأوراق الجديدة يجب أن تحمل تصاميم تعكس صورة سوريا الحالية وتكون بمثابة "وثيقة وطنية" أكثر من مجرد ورقة مالية.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي، إن الطباعة في أوروبا قد توفر مزايا تتعلق بجودة الطباعة والثقة بالعملة، لكنها تحمل كذلك تحديات تتعلق بالسيادة الاقتصادية والسياسة النقدية، خاصة في ظل العقوبات السارية.
في سياق متصل، نفى الخبير الاقتصادي وعضو المجلس الاستشاري في وزارة الاقتصاد لشؤون السيولة والنقد، جورج خزام، في منشور عبر "فيسبوك"، ما تردد عن نية إصدار "نيو ليرة سورية" بقيمة افتتاحية ثابتة مقابل الدولار.
وأوضح خزام أن تثبيت قيمة العملة بهذا الشكل يتطلب احتياطيات ضخمة من الدولار لا تملكها البلاد حاليًا، فضلًا عن أن تحديد سعر صرف العملة يجب أن يتم وفق قوانين السوق الحرة والتوازن بين العرض والطلب والإنتاج والصادرات والمستوردات.
ودعا خزام إلى خيار حذف صفرين من العملة الحالية عند إصدار النسخة الجديدة، وترك السوق يحدد قيمتها الحقيقية وفق المؤشرات الاقتصادية الفعلية.
تأتي هذه التطورات في ظل أزمة نقدية تعاني منها البلاد منذ سنوات، ازدادت حدة في الآونة الأخيرة مع تراجع السيولة النقدية وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وسط مساعٍ حكومية لتحفيز النشاط الاقتصادي وإنعاش السوق المحلي بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب.
© Powered By SyrianMonster Web Service Provider - all rights reserved 2025